بناء سبل العيش.. "مضر" يبدأ من الصفر لتحقيق حلمه في العراق

بناء سبل العيش.. "مضر" يبدأ من الصفر لتحقيق حلمه في العراق

في عمر 26 عاما، كان العراقي مُضر نافع عبد الله يؤسس نفسه من خلال شركة التجهيز التي أنشأها، ما بدأ كعملية فردية كان ينمو ويتوسع ببطء، لطالما كان تصنيع منتجات زيت الزيتون حرفة حياة مُضر التي أتقنها لأكثر من 20 عاما.

بدأ مُضر في صنع منتجات الزيتون عام 2001، ولكن لم يؤسس شركة "العطار لاند" في غرب الموصل حتى عام 2003، بحسب موقعي أخبار الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة.

عندما بدأ، لم يكن يتصور أن تصبح الشركة ما هي عليه اليوم، شركة تنتج زيت الزيتون وتوزعه في جميع أنحاء البلاد وتوفر مصدر رزق للكثيرين.

توافر الزيتون بسهولة من المزارعين العراقيين في المناطق المجاورة سهّل عمل مضر، إذ كان يشتريه مباشرة من المزارعين ويصنعه.

هجوم داعش 

كان العمل مزدهرا وتوقع أن الإنتاج سيزيد تدريجيا ويفتح فرعا ثانيا في شرق الموصل في المستقبل القريب.

في ذروة عام 2015، تغير كل هذا بسرعة مع شن داعش حربا في المنطقة، ألحقت الحرب أضرارا بالبنية التحتية وأهالي الموصل، حيث سوت الغارات الجوية المباني بالأرض، كانت العملية صعبة خلال هذه الفترة حيث لم يعد بإمكان مضر إدخال الزيتون إلى الموصل من المناطق المجاورة.

لم يكن قادرا على حشد الأموال الكافية لنقل عائلته الكبيرة و16 عائلة أخرى تعتمد عليه، إلى مناطق أكثر أمانا. 

يقول مضر إن "ترك الموصل يعني أنني اضطررت إلى التخلي عن كل هذه العائلات.

بعد عام تمكن مضر من الانتقال إلى أربيل مع اشتداد الحرب في الموصل.

تصميم على إعادة البناء

خلال الفترة التي قضاها في أربيل، استسلمت شركته التجارية للحرب، ودمرها وابل مستمر من الهجمات الصاروخية، ويضيف "كل شيء دمر.. المصنع والآلات وجميع المنتجات التي أمتلكها.. كان هذا كارثيا وشعرت أن المكان الذي عملت فيه وطورته لمدة 18 عاما قد دُمر".

بعد 9 أشهر، عاد مضر إلى الموصل في عام 2018، مصمما على إعادة بناء حلمه، حتى لو كان ذلك يعني البدء من الصفر، وهو ما فعله.

حصل على وظيفة تطوعية في إعادة تأهيل البنية التحتية بما في ذلك الطرق والمدارس التي دمرت خلال الحرب. 

خلال هذا العمل، علم عن المنظمة الدولية للهجرة (IOM) وعملها في الانتعاش الاقتصادي في العراق الذي يستهدف بشكل خاص الشركات الصغيرة.

خلال أوقات فراغه، كان يعود ويعمل على إعادة تأهيل شركته السابقة تدريجياً إذ لم يكن لديه ما يكفي من المال للقيام بكل ذلك دفعة واحدة.. في عام 2020، تقدم بطلب للحصول على مساعدة من صندوق تنمية المشاريع التابع للمنظمة الدولية للهجرة (EDF)، والذي يقدم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تأثرت بالنزاع والنزوح وكانت ناجحة.. لعب ذلك دورا كبيرا في جهود التعافي إذ كان قادرا بعدها على استئناف عمليات الشركة.

تقدم الشركة حاليا قيمة مضافة للمنتجات المشتراة محليا بالإضافة إلى خدمات التجهيز والتعبئة والتعليب لأكثر من 63 منتجا منزليا، حيث توفر محافظات العراق سوقا كافيا للمنتجات.

دعم النساء

يقول مضر "أهم شيء بالنسبة لي في هذه المرحلة هو أنني أستطيع توفير مصدر دخل لعائلات أخرى".

كان توفير مصدر للعيش أمرا أساسيا بالنسبة له، ولكن الأهم من ذلك هو دعم أولئك الذين فقدوا الكثير خلال الحرب، الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن وكان عليهن إعالة أطفالهن في وقت كان يتعين فيه أن يصطحب النساء ذَكَرٌ ليتمكّنّ من العمل.

كان مضر يتعمد توظيف هؤلاء النساء.. وكان من بينهن حمزة البالغة من العمر 35 عاما.

عندما قامت القوات العراقية بتأمين شرق الموصل، لجأ أولئك الذين تقطعت بهم السبل في المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش في الغرب، إلى الشرق.. لم يكن هذا عملا سهلا، وقد قام به المهربون الذين كانوا ينقلونهم ليلا، حمزة وزوجها وأطفالهما الخمسة كانوا من بين العائلات التي هربت إلى الشرق.

قصتها مشابهة لقصص النساء الأخريات في المصنع، بالنسبة لهن، فإن القدرة على العمل بحرية ودعم أطفالهن هو كل ما يُردنه، وهو شيء توفره شركة مضر.

إسعاد العائلات

في سن الـ47، لا يزال مضر مصمما على المساعدة في تحسين حياة مجتمعه، “نصف فوائد هذا المشروع تذهب إلى العمال.. أهم شيء بالنسبة لي هو إسعاد العائلات”.

تدعم المنظمة الدولية للهجرة تطوير الشركات الصغيرة والكبيرة في المنطقة لدعم إعادة بناء النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمناطق المتضررة من الحرب.. منذ إنشائها، صرفت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 27 مليون دولار أمريكي لأكثر من 1600 شركة، ما ساعد على توليد مصدر رزق لآلاف الموظفين وعائلاتهم.

 


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية